
ناصر أبو طاحون يكتب : الإنضباط الممكن و الفوضى المتاحة

عندما حانت الساعة الخامسة كانت أبواب المحلات تنزل و الأقفال توضع عليها و فى لحظات كانت كل الأنشطة متوقفة، و الناس تشرع فى العودة للمنازل تطبيقا لقرارات الإغلاق للمحلات دون أن يكون فى الشارع شرطى واحد أو مظهر من مظاهر الدولة، ربما إلا سيارة عليها مكبر صوت تجوب الشوارع معلنة عن قرب موعد الإغلاق و عندما قررت الحكومة إغلاق مراكز الدروس الخصوصية التى دمرت التعليم نجحت العملية فى لحظات ما معنى ذلك ؟ معنى ذلك أن فرض الانضباط ممكن جدا فى كل حياتنا بل و متاح لو أرادت الدولة لا أقصد استمرار الإغلاق تحديدا، و لكن أقصد كل مناحى حياتنا و كل أعمالنا ، أقصد الحزم فى تطبيق القوانين و التعليمات بلا مواربة و لا تسويف أقصد نزع لباس الفوضى الذى نلبسه و نعيش به منذ عقود، و ثبت بالدليل العملى أنه ممكن لكنى أعتقد أن الفوضى المتاحة على الدوام يحبها الجميع رغم أن تكلفتها عالية جدا يحبها الفاسد و اللص و المهمل و الفوضوى ، لا يحبونها لأنهم يختبئون فيها فحسب، بل لأنها تتحول إلى مصادر للرزق و زيادة الدخل للبعض على حساب القوانين و التعليمات المنظمة، و تتحول إلى تكئة للباقين للهروب من أى التزام أثبتت التجربة أن الإنضباط ممكن و سهل التطبيق فقط يحتاج إرادة قوية لتطبيقه، فهل ننتهز الفرصة المواتية ، ضمن فرص عديدة اتاحتها كورونا، لنحول هذا الإنضباط إلى سلوك حياة أم أننا سنعود سيرتنا الأولى نرتع فى الفوضى و التجربة علمتنى أنا شخصيا، أن الشعب تعود على جس نبض السلطات فى كل شىء فإن أحس منها تراخيا قيد أنملة وسعها بنفسها لمتر و إن شعر أن مساحة التراخى متراً برطع فيها لتتحول لفدان لكنه لو لم يجد تلك الإنملة التى يزحزحها و اصطدم بخراسنة القوانين، سيلتزم و يسود الانضباط وكما ذكرت قبل ذلك، أن نظام المخلوع حسنى مبارك دشن اتفاقا غير مكتوب مع الشعب و لازال هذا الدستور يعمل الا قليلا هذا الاتفاق كان يجعل كل طرف يفعل ما يحلو له دون ان يتخطى حد معين بالنسبة للسلطة كانت ترى ان حد الشعب ألا ينازعها السلطة أو الانتخابات و أخيرا ان يخضع لجريمة توريث الحكم أما حد الشعب فكان ألا تمس الحكومة رغيفه بشكل جائر و غير ذلك كلٌ يفعل ما يريد الشعوب لا تنضبط من ذاتها، و لا تحب الانضباط، لكن يضبطها سيف القانون الذى يخضعهم، فأغلبهم يخضع طوعا بعد ذلك، و اقلهم تخضعه قوة السيف "سيف القانون" ملحوظة : فى مدينتى بسيون مدرسة صناعية و هى التى حملت اسم النجم الموهوب محمد صلاح حاليا تلاميذ هذه المدرسة كانوا على درجة من الشغب و الفوضى لا تصدق،و الشجار بينهم كان يتم بالأسلحة البيضاء بشكل شبه يومى حتى تم تحويلها لمدرسة عسكرية لتتحول إلى مثال فى الانضباط و الإلتزام التام و مع انتقال مدرسة محمد صلاح من الفوضى المتاحة إلى الانضباط الممكن مع تحولها لعسكرية ، انتقلت الفوضى و العنف إلى مدارس و اماكن اخرى فى نفس المدينة و لا أعرف ما الذى يمنع تحويل كل مدارسنا و معاهدنا بما فيها الإعدادية إلى مدارس عسكرية المدارس تحتاج للتحول لمدارس عسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مع أجيال جديدة تنمو فى ظل متغيرات هائلة و خطيرة فى العالم كله أعلم أن كلمة عسكرية ستثير مشاعر معادية لدى البعض، لكن الحالة التى وصلت إليها المدارس و البلطجة التى يبديها التلاميذ تحتاج لهذا الأمر